جنبوبي: نحذر من كل الرتوشات والإجراءات الإنفرادية لإصلاح المنظومة
قال إن ما يروج حاليا حول النظام الأساسي هو مجرد إشاعات وعلى الوزارة أن تصدر بيانا للتوضيح
حاوره- رضوان الحسني
مازال النقاش محتدا حول القضايا المصيرية المرتبطة بقطاع التربية والتكوين. لذلك كان لا بد من طرح الأسئلة الحقيقية على مسؤولين نقابيين على اعتبار أنهم فاعلون مباشرون في جولات الحوار القطاعي، وأعضاء في اللجان الموضوعاتية التي تشتغل على مجموعة من الملفات داخل وزارة التربية الوطنية…في هذا الحوار يحدثنا محمد جنبوبي عضو المكتب التنفيذي للجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل عن النظام الأساسي المرتقب، وعن ورأي نقابته في واقع القطاع، وعن مجموعة من القضايا المطروحة للنقاش حاليا عل الساحة التعليمية…
– في البداية نود أن تطلعوا الرأي العام المتتبع لقضايا المنظومة التربوية عن موقف نقابتكم الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل من الواقع الحالي لهذه المنظومة ؟
< لقد دأب المكتب التنفيذي للجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل على الإعلان عن مواقفه بشكل صريح كلما سنحت الفرصة لذلك، وكلما جد طارئ أو جديد على الساحة التربوية سواء من خلال بلاغات وتعميمات وإخبارات أومن خلال تصريحات الكاتب العام الوطني للجامعة وبعض أعضاء المكتب التنفيذي للإعلام أو من خلال مداخلاتهم في اللقاءات التواصلية والندوات النقابية. بل حتى في اللقاءات الرسمية التي تجمع مسؤولي الجامعة بوزير التربية الوطنية أوفي اجتماعات اللجان الموضوعاتية. لقد كنا دائما ننبه إلى الواقع التربوي المأزوم ونحذر من كل الروتوشات الترقيعية أو الإجراءات والمبادرات الانفرادية التي تلغي باقي الفرقاء وتقتصر على مشاورات لا يؤخذ بها عند ساعة الحسم ولحظة اتخاذ القرار.
إننا في الجامعة الوطنية للتعليم ( إ.م.ش ) وانطلاقا من تحليل واقعي ومن داخل المنظومة نعتبر الواقع المأزوم الذي لا يختلف حوله اثنان ليس وليد لحظة ولا بفعل عامل واحد، كما لا يمكن تحديد مكامن اختلالاته بمؤشر واحد وبتجليات أحادية التشخيص والتقييم، فبتعدد المسببات ودرجات المسؤوليات تتعدد زوايا المعالجة ومصادر الإسهام في بناء تصور تقويمي لهندسة تربوية لها ثوابت محورية لا تتأثر بمتغيرات المشهد السياسي ولا بتعاقبات وانتقالات المسؤولية التدبيرية للشأن التربوي.
فإلى متى سنظل أمام تكرار مزمن للحظة الانطلاق، نقف مكرهين المرة تلو الأخرى عند نقطة البداية لمعاودة ترتيب البيت التعليمي بعد مسلسلات التعثر المزمن والفشل المتكرر لكل إصلاح أو تقويم وفق مخطط طويل أو قصير أو مستعجل الأمد. مرة أخرى يقف المغرب أمام حصيلة اختبارات لم يتوفق فيها بالكامل، حيث ظلت منظومته التربوية محط نزال وجدل بين مختلف مكونات النسيج الاجتماعي والسياسي ذي الصلة أو التدخل المباشر وغير المباشر، بالمقابل شكل المستهدفون من خدمات هذه المنظومة على مر عقود من الزمن حقل تجريب تؤدي أثمنته أجيال من بنات وأبناء هذا الوطن، حتى أصبح الاتفاق معمما وموحدا بين كل الفاعلين والمتدخلين والمتتبعين للشأن التربوي حول هزالة التحصيل وتدني المستويات التعليمية لهذه الأجيال.
إننا في الجامعة الوطنية للتعليم (إ.م.ش) لا ننظر بعين التجزيء أو التفييء لواقع المنظومة التربوية، بل ترتكز تحليلاتنا على شمولية المنظومة وترابط كل مكوناتها المنتظمة في متوالية تتبادل التأثير ولا يمكن فصل الواحدة منها عن الأخرى أو استثناؤها عند التعاطي مع أي من أوجه ومظاهر وتجليات الأزمة التي تنخر المنظومة التربوية سواء تعلق الأمر بالمتلقين والمتعلمين أو بالموارد البشرية أو بالتجهيزات والبنيات التحتية أو بالمكونات والبرامج والمناهج التعليمية. كما لا نقبل بتاتا حصر باب التدخل في جهة أو طرف دون غيره، المسألة التربوية شأن وطني بكل ما تحمله هذه الصفة من معنى، والمعنيون بها كما المسؤولون عنها متعددون.
– كيف تتصورون أن يكون النقاش حول قضايا المنظومة، وسبل الخروج من هذا الوضع الذي وصفتموه بالمأزوم ؟
< نحن نرحب بفتح حوار وطني مسؤول وشامل وعميق يسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية ويقطع مع الروتوشات والترقيعات، حوار ينخرط فيه الجميع بدون إقصاء ولا إشراك صوري وشكلي من باب «شاورهم ثم افعل ما شئت». حوار يقف بموضوعية وتجرد ومنأى عن كل المزايدات والمشاحنات السياسوية والصراعات الإيديولوجية والمآرب المصلحية، حوار تتساوى وتتوازى فيه المسافات والمسالك بين كل الفاعلين والمتدخلين والأطراف المعنية. فلم يعد بمقدور المنظومة اليوم تحمل المزيد من التوافقات السياسوية الظرفية والتنازلات والترضيات التي تجعلنا نعيش الإجراء ونقيضه في الآن نفسه، نتتبع قرارات متسرعة ومرتجلة تحمل بين طياتها بؤر التوتر وبوادر الإلغاء. إن ما يهمنا بالدرجة الأولى هو العمل على إيجاد أجوبة مناسبة للمساءلة اليومية التي يواجهنا بها الواقع التربوي في بلادنا وليس الاقتصار على اجترار التشخيص والتركيز على لغة اللوم والعتاب وخطاب التراشق. نحن أمام لحظة تاريخية مفتوحة على كل الاحتمالات.
– يتم أخيرا تسريب مجموعة من المعطيات حول ما يتم إعداده من بنود للنظام الأساسي الجديد الخاص بنساء ورجال التعليم المرتقب إخراجه؟ ما جديد موضوع النظام الأساسي؟
< عن أي نظام أساسي يتم الحديث؟ ومن يردد الكلام عن هذا النظام الذي تتكاثر الإشاعات حوله وتتوالد كرات ثلجه وتكبر يوما بعد يوم؟ لماذا لم تخرج الوزارة عن صمتها المستفز وتبادر إلى إصدار بلاغ يؤكد أو يفند ما يروج، بل ما يُروًج له بين الفينة والأخرى؟ إننا ومن خلال مشاركتنا في اللجان الموضوعاتية لم نتوقف قط عن المطالبة بمسودة هذا النظام، ولن أخفيكم سرا إن قلت لكم إن التاريخ الذي أعطي للنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية للتوصل بمسودة النظام الأساسي كان هو شهر فبراير لسنة 2012. وكلما أثير الموضوع كان جواب اليوم شبيه بكلام الأمس «القانون الأساسي جاهز وسنمدكم في القريب بمسودته». مرت الأسابيع والشهور والسنوات لنفاجأ قبل أشهر بالوزارة تسلم لممثلي النقابات التعليمية نماذج عن أنظمة أساسية لعدد من الدول الأجنبية قصد الاستفادة من تجاربها والعمل على استخلاص ما يصلح منها ويتلاءم مع منظومتنا.
ثم كيف يتم إعداد نظام أساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والحديث قائم على اشتغال وزارة الوظيفة العمومية على نظام أساسي لعموم موظفي الدولة؟ إننا أمام مفارقة لا يعرف خبايا طلاسيمها إلا البارعون في تدبير زمن الإلهاء والإشاعة وربح الوقت. ومن هذا المنبر نكرر مطالبتنا بالحسم في هذا الموضوع وبخروج الوزارة عن صمتها المزمن بإصدار بلاغ يضع حدا لتناسل الإشاعات حول التسريبات التي لا نعرف مصادرها ولا مستويات الصحة والمغالطة فيها.
– هل صحيح أن الوزارة تتكتم حول بعض الإجراءات التي يتم إعدادها لإثقال كاهل نساء ورجال التعليم بمهام جديدة سيتم ربطها بنظام محاسبة جديد؟
< أعتقد أن هذا السؤال يجب طرحه على الوزارة نفسها، أما نحن فلا نتعامل مع الأمور من منطلق «يتردد» أو»يقال ويروج». نحن نتعامل مع الحقائق والوقائع وواجبنا النقابي يجعلنا دائما في صف نساء ورجال التعليم، فأي إجراء يمس بمصالحهم أو يحاول الإجهاز على مكاسبهم أو إلحاق الضرر بأوضاعهم سنكون ضده وسنواجهه بكل حزم. وهذا لا يمنعنا بتاتا من قول حق مؤداه أن أسلوب الترهيب والتخويف وتسريب التهديدات لن يجد له من صدى ولا اعتبار، بل على الوزارة وكل من يشتغل حاليا على ملف المنظومة التربوية أن يعرف أن أي إصلاح لهذا الشأن لن يكتب له النجاح بدون انخراط فعلي وفعال لنساء ورجال التعليم فيه.
– تتسارعت مجموعة من الفئات بقطاع التعليم، خلال هذه الفترة لإبلاغ أصواتها إلى طاولة التفاوض والنقاش الجاري حول النظام الأساسي الجديد، هل تأخذ النقابات بعين الاعتبار هذه الفئات وكيف تتعامل النقابات مع تعدد مطالب الفئات في مثل هذه المحطات الحاسمة في الحياة المهنية والإدارية لأكبر فئة من موظفي الدولة؟
< نقابتنا لديها مرجعية أساسية تنبني على مبادئ من بينها الوحدة النقابية، الوحدة التي تشكل قوة فعلية وميدانية للطبقة العاملة، لذلك فكل تشتيت أو تفتيت لن يخدم بتاتا مصالح الأجراء ويجعلهم في مواقع تفاوضية ضعيفة وبالمقابل سيمكن الأطراف الأخرى إدارة ومشغلين من فرص الإجهاز على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة بفضل سنين طويلة من النضال والتضحيات الجسام. ومن ثمة فملفنا المطلبي في شموليته يتضمن مطالب كل الفئات التعليمية كما أننا في نسيجنا التنظيمي داخل الجامعة الوطنية للتعليم نفسح المجال لاشتغال الفئات وندعمها في نضالاتها التي ننخرط فيها جميعا كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
وهياكلنا التنظيمية تضم إلى جانب المكتب التنفيذي للجامعة والمكاتب الجهوية والإقليمية والمحلية مكاتب وطنية لمختلف الفئات التعليمية كالإدارة التربوية والمساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين وملحقي الإدارة والاقتصاد والملحقين التربويين والمبرزين وفئات أخرى إضافة إلى بعض اللجان التي يتم تكوينها وتنظيمها وتأطيرها عندما يظهر ملف لفئة تعليمية متضررة من إجراء أو مسطرة ما كما هو الشأن مثلا بالنسبة لإخوتنا ضحايا نظامي 1985 و2003 الذين نكرر المطالبة بإنصافهم والتسريع بالاستجابة لمطالبهم المشروعة والعرضيين وحملة الشواهد والدكاترة وغيرها من الحالات التي حتمت حركة نضالية لن تتوقف إلا باسترجاع أخواتنا وإخواننا لحقوقهم كاملة. كما أننا ومن منطلق تمكين كل فئة من فرص الدفاع عن ملفاتها المطلبية نقوم بإدماج ممثلين عنها في أشغال اللجان الموضوعاتية. وأي مكسب تحققه فئة من الفئات نعتبره مكسبا لنا جميعا وشريحة تعليمية نسعد كثيرا بإنصافها وتحقيقها لمطالبها المشروعة. المهم عندنا هو المصلحة المعممة على كل الفئات وتحقيق الانتصارات ورفع الغبن و»الحكرة» عن كل فئة مظلومة أو ضحية إجراء أو إجحاف ما.
– ما موقفكم من قرار الوزارة إعلان الحرب على ممتهني الساعات الإضافية ؟ والحرب على المضربين عبر استهداف الرواتب عن طريق سلاح الاقتطاع ؟
< موضوع الساعات الإضافية لايعني في عمقه كل نساء ورجال التعليم، فهم ليسوا جميعا ممتهنين لذلك، وقرار الوزارة منع ذلك له طبعا أسبابه ودوافعه ونحن قبل أن نكون أساتذة نحن آباء وأولياء تلاميذ نشترك مع باقي الأسر المغربية في واقعها وانشغالاتها، ونعلم جيدا ما ابتليت به المنظومة التربوية من ممارسات بعض من المحسوبين على مهنتنا الشريفة والاجتماعية بامتياز، لن أدخل في التفاصيل أوفي العرض لنماذج عن هذه الممارسات فالكل يعرف ذلك، لكن نحمد الله على أن هؤلاء لا يشكلون نسبة كبيرة داخل النسيج التربوي، وفي هذا المقام نشد بحرارة على أيادي أخوات وإخوان لنا من نساء ورجال التعليم يقومون في مختلف أرجاء الوطن بمجهودات جبارة خلال تقديم دروس للدعم والتقوية بشكل تطوعي مجاني لن يوفيهم أجرهم عنه إلا الله سبحانه وتعالى. فإذا كنا مع تكافؤ الفرص ومع الحس الوطني والشعور بالمسؤولية فتقديم الدعم والتقوية يجب تقنينه حسب مرجعيات تنظيمية وقانونية تحفظ للأستاذ وقاره ومكانته الاجتماعية وتجعله شاملا معمما غير خاضع لمنطق العرض والطلب أو للفوضى والتسيب، والاستفادة منه تكون مؤطرة وغير مشروطة أو مرهونة بخلفيات تحوم حولها الشكوك أو علامات الاستفهام.
< لقد دأب المكتب التنفيذي للجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل على الإعلان عن مواقفه بشكل صريح كلما سنحت الفرصة لذلك، وكلما جد طارئ أو جديد على الساحة التربوية سواء من خلال بلاغات وتعميمات وإخبارات أومن خلال تصريحات الكاتب العام الوطني للجامعة وبعض أعضاء المكتب التنفيذي للإعلام أو من خلال مداخلاتهم في اللقاءات التواصلية والندوات النقابية. بل حتى في اللقاءات الرسمية التي تجمع مسؤولي الجامعة بوزير التربية الوطنية أوفي اجتماعات اللجان الموضوعاتية. لقد كنا دائما ننبه إلى الواقع التربوي المأزوم ونحذر من كل الروتوشات الترقيعية أو الإجراءات والمبادرات الانفرادية التي تلغي باقي الفرقاء وتقتصر على مشاورات لا يؤخذ بها عند ساعة الحسم ولحظة اتخاذ القرار.
إننا في الجامعة الوطنية للتعليم ( إ.م.ش ) وانطلاقا من تحليل واقعي ومن داخل المنظومة نعتبر الواقع المأزوم الذي لا يختلف حوله اثنان ليس وليد لحظة ولا بفعل عامل واحد، كما لا يمكن تحديد مكامن اختلالاته بمؤشر واحد وبتجليات أحادية التشخيص والتقييم، فبتعدد المسببات ودرجات المسؤوليات تتعدد زوايا المعالجة ومصادر الإسهام في بناء تصور تقويمي لهندسة تربوية لها ثوابت محورية لا تتأثر بمتغيرات المشهد السياسي ولا بتعاقبات وانتقالات المسؤولية التدبيرية للشأن التربوي.
فإلى متى سنظل أمام تكرار مزمن للحظة الانطلاق، نقف مكرهين المرة تلو الأخرى عند نقطة البداية لمعاودة ترتيب البيت التعليمي بعد مسلسلات التعثر المزمن والفشل المتكرر لكل إصلاح أو تقويم وفق مخطط طويل أو قصير أو مستعجل الأمد. مرة أخرى يقف المغرب أمام حصيلة اختبارات لم يتوفق فيها بالكامل، حيث ظلت منظومته التربوية محط نزال وجدل بين مختلف مكونات النسيج الاجتماعي والسياسي ذي الصلة أو التدخل المباشر وغير المباشر، بالمقابل شكل المستهدفون من خدمات هذه المنظومة على مر عقود من الزمن حقل تجريب تؤدي أثمنته أجيال من بنات وأبناء هذا الوطن، حتى أصبح الاتفاق معمما وموحدا بين كل الفاعلين والمتدخلين والمتتبعين للشأن التربوي حول هزالة التحصيل وتدني المستويات التعليمية لهذه الأجيال.
إننا في الجامعة الوطنية للتعليم (إ.م.ش) لا ننظر بعين التجزيء أو التفييء لواقع المنظومة التربوية، بل ترتكز تحليلاتنا على شمولية المنظومة وترابط كل مكوناتها المنتظمة في متوالية تتبادل التأثير ولا يمكن فصل الواحدة منها عن الأخرى أو استثناؤها عند التعاطي مع أي من أوجه ومظاهر وتجليات الأزمة التي تنخر المنظومة التربوية سواء تعلق الأمر بالمتلقين والمتعلمين أو بالموارد البشرية أو بالتجهيزات والبنيات التحتية أو بالمكونات والبرامج والمناهج التعليمية. كما لا نقبل بتاتا حصر باب التدخل في جهة أو طرف دون غيره، المسألة التربوية شأن وطني بكل ما تحمله هذه الصفة من معنى، والمعنيون بها كما المسؤولون عنها متعددون.
– كيف تتصورون أن يكون النقاش حول قضايا المنظومة، وسبل الخروج من هذا الوضع الذي وصفتموه بالمأزوم ؟
< نحن نرحب بفتح حوار وطني مسؤول وشامل وعميق يسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية ويقطع مع الروتوشات والترقيعات، حوار ينخرط فيه الجميع بدون إقصاء ولا إشراك صوري وشكلي من باب «شاورهم ثم افعل ما شئت». حوار يقف بموضوعية وتجرد ومنأى عن كل المزايدات والمشاحنات السياسوية والصراعات الإيديولوجية والمآرب المصلحية، حوار تتساوى وتتوازى فيه المسافات والمسالك بين كل الفاعلين والمتدخلين والأطراف المعنية. فلم يعد بمقدور المنظومة اليوم تحمل المزيد من التوافقات السياسوية الظرفية والتنازلات والترضيات التي تجعلنا نعيش الإجراء ونقيضه في الآن نفسه، نتتبع قرارات متسرعة ومرتجلة تحمل بين طياتها بؤر التوتر وبوادر الإلغاء. إن ما يهمنا بالدرجة الأولى هو العمل على إيجاد أجوبة مناسبة للمساءلة اليومية التي يواجهنا بها الواقع التربوي في بلادنا وليس الاقتصار على اجترار التشخيص والتركيز على لغة اللوم والعتاب وخطاب التراشق. نحن أمام لحظة تاريخية مفتوحة على كل الاحتمالات.
– يتم أخيرا تسريب مجموعة من المعطيات حول ما يتم إعداده من بنود للنظام الأساسي الجديد الخاص بنساء ورجال التعليم المرتقب إخراجه؟ ما جديد موضوع النظام الأساسي؟
< عن أي نظام أساسي يتم الحديث؟ ومن يردد الكلام عن هذا النظام الذي تتكاثر الإشاعات حوله وتتوالد كرات ثلجه وتكبر يوما بعد يوم؟ لماذا لم تخرج الوزارة عن صمتها المستفز وتبادر إلى إصدار بلاغ يؤكد أو يفند ما يروج، بل ما يُروًج له بين الفينة والأخرى؟ إننا ومن خلال مشاركتنا في اللجان الموضوعاتية لم نتوقف قط عن المطالبة بمسودة هذا النظام، ولن أخفيكم سرا إن قلت لكم إن التاريخ الذي أعطي للنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية للتوصل بمسودة النظام الأساسي كان هو شهر فبراير لسنة 2012. وكلما أثير الموضوع كان جواب اليوم شبيه بكلام الأمس «القانون الأساسي جاهز وسنمدكم في القريب بمسودته». مرت الأسابيع والشهور والسنوات لنفاجأ قبل أشهر بالوزارة تسلم لممثلي النقابات التعليمية نماذج عن أنظمة أساسية لعدد من الدول الأجنبية قصد الاستفادة من تجاربها والعمل على استخلاص ما يصلح منها ويتلاءم مع منظومتنا.
ثم كيف يتم إعداد نظام أساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والحديث قائم على اشتغال وزارة الوظيفة العمومية على نظام أساسي لعموم موظفي الدولة؟ إننا أمام مفارقة لا يعرف خبايا طلاسيمها إلا البارعون في تدبير زمن الإلهاء والإشاعة وربح الوقت. ومن هذا المنبر نكرر مطالبتنا بالحسم في هذا الموضوع وبخروج الوزارة عن صمتها المزمن بإصدار بلاغ يضع حدا لتناسل الإشاعات حول التسريبات التي لا نعرف مصادرها ولا مستويات الصحة والمغالطة فيها.
– هل صحيح أن الوزارة تتكتم حول بعض الإجراءات التي يتم إعدادها لإثقال كاهل نساء ورجال التعليم بمهام جديدة سيتم ربطها بنظام محاسبة جديد؟
< أعتقد أن هذا السؤال يجب طرحه على الوزارة نفسها، أما نحن فلا نتعامل مع الأمور من منطلق «يتردد» أو»يقال ويروج». نحن نتعامل مع الحقائق والوقائع وواجبنا النقابي يجعلنا دائما في صف نساء ورجال التعليم، فأي إجراء يمس بمصالحهم أو يحاول الإجهاز على مكاسبهم أو إلحاق الضرر بأوضاعهم سنكون ضده وسنواجهه بكل حزم. وهذا لا يمنعنا بتاتا من قول حق مؤداه أن أسلوب الترهيب والتخويف وتسريب التهديدات لن يجد له من صدى ولا اعتبار، بل على الوزارة وكل من يشتغل حاليا على ملف المنظومة التربوية أن يعرف أن أي إصلاح لهذا الشأن لن يكتب له النجاح بدون انخراط فعلي وفعال لنساء ورجال التعليم فيه.
– تتسارعت مجموعة من الفئات بقطاع التعليم، خلال هذه الفترة لإبلاغ أصواتها إلى طاولة التفاوض والنقاش الجاري حول النظام الأساسي الجديد، هل تأخذ النقابات بعين الاعتبار هذه الفئات وكيف تتعامل النقابات مع تعدد مطالب الفئات في مثل هذه المحطات الحاسمة في الحياة المهنية والإدارية لأكبر فئة من موظفي الدولة؟
< نقابتنا لديها مرجعية أساسية تنبني على مبادئ من بينها الوحدة النقابية، الوحدة التي تشكل قوة فعلية وميدانية للطبقة العاملة، لذلك فكل تشتيت أو تفتيت لن يخدم بتاتا مصالح الأجراء ويجعلهم في مواقع تفاوضية ضعيفة وبالمقابل سيمكن الأطراف الأخرى إدارة ومشغلين من فرص الإجهاز على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة بفضل سنين طويلة من النضال والتضحيات الجسام. ومن ثمة فملفنا المطلبي في شموليته يتضمن مطالب كل الفئات التعليمية كما أننا في نسيجنا التنظيمي داخل الجامعة الوطنية للتعليم نفسح المجال لاشتغال الفئات وندعمها في نضالاتها التي ننخرط فيها جميعا كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
وهياكلنا التنظيمية تضم إلى جانب المكتب التنفيذي للجامعة والمكاتب الجهوية والإقليمية والمحلية مكاتب وطنية لمختلف الفئات التعليمية كالإدارة التربوية والمساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين وملحقي الإدارة والاقتصاد والملحقين التربويين والمبرزين وفئات أخرى إضافة إلى بعض اللجان التي يتم تكوينها وتنظيمها وتأطيرها عندما يظهر ملف لفئة تعليمية متضررة من إجراء أو مسطرة ما كما هو الشأن مثلا بالنسبة لإخوتنا ضحايا نظامي 1985 و2003 الذين نكرر المطالبة بإنصافهم والتسريع بالاستجابة لمطالبهم المشروعة والعرضيين وحملة الشواهد والدكاترة وغيرها من الحالات التي حتمت حركة نضالية لن تتوقف إلا باسترجاع أخواتنا وإخواننا لحقوقهم كاملة. كما أننا ومن منطلق تمكين كل فئة من فرص الدفاع عن ملفاتها المطلبية نقوم بإدماج ممثلين عنها في أشغال اللجان الموضوعاتية. وأي مكسب تحققه فئة من الفئات نعتبره مكسبا لنا جميعا وشريحة تعليمية نسعد كثيرا بإنصافها وتحقيقها لمطالبها المشروعة. المهم عندنا هو المصلحة المعممة على كل الفئات وتحقيق الانتصارات ورفع الغبن و»الحكرة» عن كل فئة مظلومة أو ضحية إجراء أو إجحاف ما.
– ما موقفكم من قرار الوزارة إعلان الحرب على ممتهني الساعات الإضافية ؟ والحرب على المضربين عبر استهداف الرواتب عن طريق سلاح الاقتطاع ؟
< موضوع الساعات الإضافية لايعني في عمقه كل نساء ورجال التعليم، فهم ليسوا جميعا ممتهنين لذلك، وقرار الوزارة منع ذلك له طبعا أسبابه ودوافعه ونحن قبل أن نكون أساتذة نحن آباء وأولياء تلاميذ نشترك مع باقي الأسر المغربية في واقعها وانشغالاتها، ونعلم جيدا ما ابتليت به المنظومة التربوية من ممارسات بعض من المحسوبين على مهنتنا الشريفة والاجتماعية بامتياز، لن أدخل في التفاصيل أوفي العرض لنماذج عن هذه الممارسات فالكل يعرف ذلك، لكن نحمد الله على أن هؤلاء لا يشكلون نسبة كبيرة داخل النسيج التربوي، وفي هذا المقام نشد بحرارة على أيادي أخوات وإخوان لنا من نساء ورجال التعليم يقومون في مختلف أرجاء الوطن بمجهودات جبارة خلال تقديم دروس للدعم والتقوية بشكل تطوعي مجاني لن يوفيهم أجرهم عنه إلا الله سبحانه وتعالى. فإذا كنا مع تكافؤ الفرص ومع الحس الوطني والشعور بالمسؤولية فتقديم الدعم والتقوية يجب تقنينه حسب مرجعيات تنظيمية وقانونية تحفظ للأستاذ وقاره ومكانته الاجتماعية وتجعله شاملا معمما غير خاضع لمنطق العرض والطلب أو للفوضى والتسيب، والاستفادة منه تكون مؤطرة وغير مشروطة أو مرهونة بخلفيات تحوم حولها الشكوك أو علامات الاستفهام.
source منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية http://ift.tt/1ICDwcZ
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق