بسم الله الرحمن الرحيم
بعض الناس قد اتخذ من مهنة التسول( الشحاذة ) وسيلة للتكسب والتربح وكنز المال وتحصيل الثروات , حتى سمعنا في عصرنا عن بعضهم ممن امتهن تلك المهنة أنه قد صار مليونيرا من وراءها , بل نشرت بعض الصحف أن طبيبة وأستاذة جامعية تم ضبطهما متخفيتين في ملابس التسول تسألان الناس الإحسان والصدقات , ولما سألوهما عن ذلك قالتا : وماذا نتكسب من وظائفنا ؟ . إن دخلنا من ( الشحاذة ) يعادل عشرة أضعاف مما نأخذه من وظائفنا .
لذا فقد استسهل بعضهم هذا الأمر وقد عن طلب العمل وعن السعي إلى الكسب الحلال المستحق , وظاهرة ظاهرة تستحق الدراسة , فقد صار الأمر مزعجاً لكثير من الناس , إذ تجد هذه الثلة من الشحاذين والمتسولين قد ملاؤا الطرقات وأماكن التجمعات وأمام المساجد والمستشفيات , بل واقتحموا على الناس بيوتهم وأزعجوهم بطرق الأبواب ليل نهار وفي أوقات تكره فيها الزيارة , وأصبحت لديهم حجج وعلل واهية وكاذبة لإخراج ما لديك من نقود , بل وصار لك منهم تخصص ومنطقة لا يجرؤ غيره من أضرابه على اقتحامها , بل وسمعنا عن قيادات لهم تنظم حركتهم وتدربهم على فنون وألوان التسول .
ونسي هؤلاء جميعا أن الذي يستحق الصدقة هم الفقراء والمساكين الحقيقيون الذين وصفهم الله تعالى في كتابه الكريم فقال عزمن قائل : لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) سورة البقرة .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ ، وَلاَ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَلاَ التَّمْرَتَانِ ، وَلاَ اللُّقْمَةُ وَلاََ اللُّقْمَتَانِ ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ ، الَّذِي لاَيَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا ، وَلاَ يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ. أخرجه أحمد 1/384(3636) صحيح الجامع الصغير ( 5383 و 5384 ).
لذا فقد نهي الإسلام عن سؤال الناس لغير حاجة ,عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا ، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا ، فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ. أخرجه ابن أبي شَيْبَة 3/208(10673) . وأحمد 2/231(7163) . ومسلم (2363) .
عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ ، فَوَاللهِ ، لاَ يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا ، فَتُخْرِجَُ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا ، وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُهُ. أخرجه أحمد 4/98(17017\"و\"مسلم\"3/95(2354) .
. عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَتَقَبَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ ، وَأَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ ؟ قال : قُلْتُ : أَنَا. قَالَ : لاَ تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا. - وفي رواية : مَنْ يَضْمَنُ لِي وَاحِدَةً ، وَأَضْمَنُ لَهُ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : لاَ تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا.
قَالَ : فَكَانَ سَوْطُ ثَوْبَانَ يَسْقُطُ ، وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ ، فَيُنِيخُ حَتَّى يَأْخُذَهُ ، وَمَا يَقُولُ لأَحَدٍ نَاوِلْنِيهِ. أخرجه أحمد 5/277(22744) و\"ابن ماجة\" 1837 و\"النَّسائي\" 5/96 ، وفي \"الكبرى\" 2382 ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7307 في صحيح الجامع .
يقول الشاعر:
لا تسألن بُنَيّ آدم حاجةً * * * وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله* * * وبُنَيّ آدم حين يسأل يغضب
ولقد أحسن بعض الأعراب في قوله :
علامَ سؤالُ الناسِ والرزقُ واسعٌ * * * وأنت صحيحٌ لم تَخُنْكَ الأصابعُ
وللعيشِ أوكارٌ وفي الأرضِ مذهبٌ * * * عريضٌ وبابُ الرزقِ في الأرض واسعُ
فكن طالباً للرزقِ من رازقِ الغنى * * * وخلِّ سؤالَ الناسِ فاللهُ صانعُ
ووصف هذه الصدقات بأنها أوساخ الناس , وقول النبي صلى الله عليه وسلم : \" إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنْبَغِي لآِلِ مُحَمَّدٍ ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ. أخرجه أحمد 4/166(17659) و\"مسلم\" 3/118(2448).
ووصف صاحبها بأنه عبد للمال , وأن سعادته ترتبط بهذا المال علواً وانخفاضاً , عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِى سَبِيلِ اللهِ ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ ، إِنْ كَانَ فِى الْحِرَاسَةِ كَانَ فِى الْحِرَاسَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِى السَّاقَةِ كَانَ فِى السَّاقَةِ ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ وَقَالَ تَعْسًا . كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ . طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَىْءٍ طَيِّبٍ ، وَهْىَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهْىَ مِنْ يَطِيبُ. . أخرجه البخاري 4/41(2886).
كما وصف صاحبها بأنه صاحب اليد السفلى , عَنْ حَكِيم بْنِ حِزَامٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ. أخرجه أحمد 3/403(15400) و\"البُخَارِي\" 2/139 (1427).
وأن صاحبها يفتح بها على نفسه باب فقر , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلاَثٌ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنْ كُنْتُ لَحَالِفًا عَلَيْهِنَّ : لاَ يَنْقُصُ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ , فَتَصَدَّقُوا ، وَلاَ يَعْفُو عَبْدٌ عَنْ مَظْلَِمَةٍ , يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ , تَعَالَى , إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يَفْتَحُ عَبْدٌ عَلَيْهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ ، إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ.أخرجه أحمد 1/193(1674) الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3025 في صحيح الجامع.
وبأن المسألة تكون سبباً في تساقط لحم وجه صاحبها يوم القيامة حياءً وخجلاً ممن منوا عليه وتفضلوا عليه بالعطاء , عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
وأن من يسكثر من الصدقة وسؤال الناس إنما يستكثر من نار جهنم , عن أبي كَبْشَةَ السَّلُولِىُّ , أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ ابْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ الأَنْصَارِي , صَاحِبَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعَ سَأَلاَ رَسُولَ الله , صلى الله عليه وسلم , شَيْئًا فَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ لَهُمَا فَفَعَلَ , وَخَتَمَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم , وَأَمَرَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِمَا , فَأَمَّا عُيَيْنَةُ فَقَالَ : مَا فِيهِ ؟ قَالَ : فِيهِ الَّذِى أُمِرْتُ بِهِ , فَقَبَّلَهُ وَعَقَدَهُ فِى عِمَامَتِهِ , وَكَانَ أَحْلَمَ الرِّجْلَيْنِ , وَأَمَّا الأَقْرَعُ فَقَالَ : أَحْمِلُ صَحِيفَةً لاَ أَدْرِى مَا فِيهَا كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ , فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِمَا , وَخَرَجَ رَسُولُ الله , صلى الله عليه وسلم , فِى حَاجَةٍ , فَمَرَّ بِبَعِيرٍ مُنَاخٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ , ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخِرَ النَّهَارِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَقَالَ : أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ ؟ فَابْتُغِيَ , فَلَمْ يُوجَدْ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : اتَّقُوا الله فِى هَذِه الْبَهَائِمِ , ارْكَبُوهَا صِحَاحًا , وَارْكَبُوهَا سِمَانًا » كَالْمُتَسَخِّطِ آنِفًا , إِنَّهُ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ. قَالُوا : يَا رَسُولَ الله وَمَا يُغْنِيهِ ؟ قَالَ : مَا يُغَدِّيهِ , أَوْ يُعَشِّيهِ. أخرجه أبو داود (2548) , وابن خزيمة (2545) الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6280 في صحيح الجامع .
كما بين الإسلام الحالات الضرورية التي يجوز فيها سؤال الناس , عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلاَلِيِّ ، قَالَ:تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا ، فَقَالَ : أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : يَا قَبِيصَةُ ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ : رَجُلٌٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ، ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٌٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ، وَرَجُلٌٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ ، حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ ، لَقَدْ أَصَابَتْ فُلاَنًا فَاقَةٌ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا ، يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا. أخرجه \"أحمد\" 3/477(16011) و\"مسلم\"3/97(2368).
لذا فقد عالج الإسلام مسألة سؤال الناس علاجاً عملياً , يرشد صاحب المسألة إلى عدم أخذ المسألة كحرفة يتكسب من وراءها ويترك السعي إلى الكسب من ذات اليد , عَنِ الْمِقْدَامِ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ.
- وفي رواية : مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَتَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ. أخرجه أحمد 4/131(17311 ) و\"البُخَارِي\" 3/74(2072) .
وفي هذه القصة يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أحد السائلين إلى العمل , ويبين له لمن تحل المسألة , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَشَكَا إِلَيْهِ الْحَاجَةَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَا عِنْدَكَ شَيْءٌ ؟ فَأَتَاهُ بِحِلْسٍ وَقَدَحٍ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَشْتَرِي هَذَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ ، قَالَ : مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ ، قَالَ : هُمَا لَكَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثٍ : ذِي دَمٍ مُوجِعٍ ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ ، أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ. أخرجه أحمد 3/100(11990) و\"أبو داود\" 1641 و\"ابن ماجة\" 2198 والتِّرْمِذِيّ\" 1218 . الألباني : ضعيف أبي داود 2/153.
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: لا تِحلُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ.
أخرجه أحمد 2/164(6530).
فهكذا عالج الإسلام مسألة سؤال الناس علاجاً واقعياً يقتلع المشكلة من جذورها ولا يرضى فيها بأنصاف الحلول .
د. بدر عبد الحميد هميسه
بعض الناس قد اتخذ من مهنة التسول( الشحاذة ) وسيلة للتكسب والتربح وكنز المال وتحصيل الثروات , حتى سمعنا في عصرنا عن بعضهم ممن امتهن تلك المهنة أنه قد صار مليونيرا من وراءها , بل نشرت بعض الصحف أن طبيبة وأستاذة جامعية تم ضبطهما متخفيتين في ملابس التسول تسألان الناس الإحسان والصدقات , ولما سألوهما عن ذلك قالتا : وماذا نتكسب من وظائفنا ؟ . إن دخلنا من ( الشحاذة ) يعادل عشرة أضعاف مما نأخذه من وظائفنا .
لذا فقد استسهل بعضهم هذا الأمر وقد عن طلب العمل وعن السعي إلى الكسب الحلال المستحق , وظاهرة ظاهرة تستحق الدراسة , فقد صار الأمر مزعجاً لكثير من الناس , إذ تجد هذه الثلة من الشحاذين والمتسولين قد ملاؤا الطرقات وأماكن التجمعات وأمام المساجد والمستشفيات , بل واقتحموا على الناس بيوتهم وأزعجوهم بطرق الأبواب ليل نهار وفي أوقات تكره فيها الزيارة , وأصبحت لديهم حجج وعلل واهية وكاذبة لإخراج ما لديك من نقود , بل وصار لك منهم تخصص ومنطقة لا يجرؤ غيره من أضرابه على اقتحامها , بل وسمعنا عن قيادات لهم تنظم حركتهم وتدربهم على فنون وألوان التسول .
ونسي هؤلاء جميعا أن الذي يستحق الصدقة هم الفقراء والمساكين الحقيقيون الذين وصفهم الله تعالى في كتابه الكريم فقال عزمن قائل : لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) سورة البقرة .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ ، وَلاَ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَلاَ التَّمْرَتَانِ ، وَلاَ اللُّقْمَةُ وَلاََ اللُّقْمَتَانِ ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ ، الَّذِي لاَيَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا ، وَلاَ يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ. أخرجه أحمد 1/384(3636) صحيح الجامع الصغير ( 5383 و 5384 ).
لذا فقد نهي الإسلام عن سؤال الناس لغير حاجة ,عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا ، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا ، فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ. أخرجه ابن أبي شَيْبَة 3/208(10673) . وأحمد 2/231(7163) . ومسلم (2363) .
عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ ، فَوَاللهِ ، لاَ يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا ، فَتُخْرِجَُ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا ، وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ ، فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُهُ. أخرجه أحمد 4/98(17017\"و\"مسلم\"3/95(2354) .
. عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَتَقَبَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ ، وَأَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ ؟ قال : قُلْتُ : أَنَا. قَالَ : لاَ تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا. - وفي رواية : مَنْ يَضْمَنُ لِي وَاحِدَةً ، وَأَضْمَنُ لَهُ الْجَنَّةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : لاَ تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا.
قَالَ : فَكَانَ سَوْطُ ثَوْبَانَ يَسْقُطُ ، وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ ، فَيُنِيخُ حَتَّى يَأْخُذَهُ ، وَمَا يَقُولُ لأَحَدٍ نَاوِلْنِيهِ. أخرجه أحمد 5/277(22744) و\"ابن ماجة\" 1837 و\"النَّسائي\" 5/96 ، وفي \"الكبرى\" 2382 ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7307 في صحيح الجامع .
يقول الشاعر:
لا تسألن بُنَيّ آدم حاجةً * * * وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله* * * وبُنَيّ آدم حين يسأل يغضب
ولقد أحسن بعض الأعراب في قوله :
علامَ سؤالُ الناسِ والرزقُ واسعٌ * * * وأنت صحيحٌ لم تَخُنْكَ الأصابعُ
وللعيشِ أوكارٌ وفي الأرضِ مذهبٌ * * * عريضٌ وبابُ الرزقِ في الأرض واسعُ
فكن طالباً للرزقِ من رازقِ الغنى * * * وخلِّ سؤالَ الناسِ فاللهُ صانعُ
ووصف هذه الصدقات بأنها أوساخ الناس , وقول النبي صلى الله عليه وسلم : \" إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنْبَغِي لآِلِ مُحَمَّدٍ ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ. أخرجه أحمد 4/166(17659) و\"مسلم\" 3/118(2448).
ووصف صاحبها بأنه عبد للمال , وأن سعادته ترتبط بهذا المال علواً وانخفاضاً , عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ ، طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِى سَبِيلِ اللهِ ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ ، إِنْ كَانَ فِى الْحِرَاسَةِ كَانَ فِى الْحِرَاسَةِ ، وَإِنْ كَانَ فِى السَّاقَةِ كَانَ فِى السَّاقَةِ ، إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ لَمْ يَرْفَعْهُ إِسْرَائِيلُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ وَقَالَ تَعْسًا . كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ . طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَىْءٍ طَيِّبٍ ، وَهْىَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهْىَ مِنْ يَطِيبُ. . أخرجه البخاري 4/41(2886).
كما وصف صاحبها بأنه صاحب اليد السفلى , عَنْ حَكِيم بْنِ حِزَامٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ. أخرجه أحمد 3/403(15400) و\"البُخَارِي\" 2/139 (1427).
وأن صاحبها يفتح بها على نفسه باب فقر , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلاَثٌ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنْ كُنْتُ لَحَالِفًا عَلَيْهِنَّ : لاَ يَنْقُصُ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ , فَتَصَدَّقُوا ، وَلاَ يَعْفُو عَبْدٌ عَنْ مَظْلَِمَةٍ , يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ , تَعَالَى , إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يَفْتَحُ عَبْدٌ عَلَيْهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ ، إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ.أخرجه أحمد 1/193(1674) الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3025 في صحيح الجامع.
وبأن المسألة تكون سبباً في تساقط لحم وجه صاحبها يوم القيامة حياءً وخجلاً ممن منوا عليه وتفضلوا عليه بالعطاء , عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ.أخرجه أحمد 2/15(4638) و\"البُخَارِي\" 2/153(1474) و\"مسلم\" 3/96(2360).
- وفي رواية :مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِىَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ.
وأن من يسكثر من الصدقة وسؤال الناس إنما يستكثر من نار جهنم , عن أبي كَبْشَةَ السَّلُولِىُّ , أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ ابْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ الأَنْصَارِي , صَاحِبَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّ عُيَيْنَةَ وَالأَقْرَعَ سَأَلاَ رَسُولَ الله , صلى الله عليه وسلم , شَيْئًا فَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ لَهُمَا فَفَعَلَ , وَخَتَمَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم , وَأَمَرَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِمَا , فَأَمَّا عُيَيْنَةُ فَقَالَ : مَا فِيهِ ؟ قَالَ : فِيهِ الَّذِى أُمِرْتُ بِهِ , فَقَبَّلَهُ وَعَقَدَهُ فِى عِمَامَتِهِ , وَكَانَ أَحْلَمَ الرِّجْلَيْنِ , وَأَمَّا الأَقْرَعُ فَقَالَ : أَحْمِلُ صَحِيفَةً لاَ أَدْرِى مَا فِيهَا كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ , فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِمَا , وَخَرَجَ رَسُولُ الله , صلى الله عليه وسلم , فِى حَاجَةٍ , فَمَرَّ بِبَعِيرٍ مُنَاخٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ , ثُمَّ مَرَّ بِهِ آخِرَ النَّهَارِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فَقَالَ : أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ ؟ فَابْتُغِيَ , فَلَمْ يُوجَدْ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : اتَّقُوا الله فِى هَذِه الْبَهَائِمِ , ارْكَبُوهَا صِحَاحًا , وَارْكَبُوهَا سِمَانًا » كَالْمُتَسَخِّطِ آنِفًا , إِنَّهُ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ. قَالُوا : يَا رَسُولَ الله وَمَا يُغْنِيهِ ؟ قَالَ : مَا يُغَدِّيهِ , أَوْ يُعَشِّيهِ. أخرجه أبو داود (2548) , وابن خزيمة (2545) الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6280 في صحيح الجامع .
كما بين الإسلام الحالات الضرورية التي يجوز فيها سؤال الناس , عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلاَلِيِّ ، قَالَ:تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا ، فَقَالَ : أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : يَا قَبِيصَةُ ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ : رَجُلٌٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ، ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٌٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ، وَرَجُلٌٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ ، حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ ، لَقَدْ أَصَابَتْ فُلاَنًا فَاقَةٌ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ : سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا ، يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا. أخرجه \"أحمد\" 3/477(16011) و\"مسلم\"3/97(2368).
لذا فقد عالج الإسلام مسألة سؤال الناس علاجاً عملياً , يرشد صاحب المسألة إلى عدم أخذ المسألة كحرفة يتكسب من وراءها ويترك السعي إلى الكسب من ذات اليد , عَنِ الْمِقْدَامِ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ.
- وفي رواية : مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَتَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ. أخرجه أحمد 4/131(17311 ) و\"البُخَارِي\" 3/74(2072) .
وفي هذه القصة يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أحد السائلين إلى العمل , ويبين له لمن تحل المسألة , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَشَكَا إِلَيْهِ الْحَاجَةَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَا عِنْدَكَ شَيْءٌ ؟ فَأَتَاهُ بِحِلْسٍ وَقَدَحٍ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَشْتَرِي هَذَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ ، قَالَ : مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ ، قَالَ : هُمَا لَكَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثٍ : ذِي دَمٍ مُوجِعٍ ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ ، أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ. أخرجه أحمد 3/100(11990) و\"أبو داود\" 1641 و\"ابن ماجة\" 2198 والتِّرْمِذِيّ\" 1218 . الألباني : ضعيف أبي داود 2/153.
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: لا تِحلُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ.
أخرجه أحمد 2/164(6530).
فهكذا عالج الإسلام مسألة سؤال الناس علاجاً واقعياً يقتلع المشكلة من جذورها ولا يرضى فيها بأنصاف الحلول .
د. بدر عبد الحميد هميسه
source منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية http://ift.tt/1yMCZF6
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق