بوكوس: لسنا راضين عن الأوضاع الحالية لتدريس الأمازيغية

حاوره: نورالدين لشهب

الثلاثاء 31 مارس 2015 - ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

أبدى أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، عدم ارتياحه للأوضاع الحالية لتدريس الأمازيغية، مشيرا إلى أنه لم تتحقق كل الشعارات المرفوعة منذ أكثر من عقد من الزمن لتمكين اللغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية.



وقال أستاذ اللسانيات في جامعة محمد الخامس في حوار خاص مع هسبريس "إن مبدأ تعميم تدريس اللغة الأمازيغية عبر التراب الوطني، وتدريسها في جميع المستويات للمنظومة التربوية الوطنية، لم يتم تحقيقه، وهو واقع يناقض حتى توقعات الوزارة الوصية على القطاع".



حوار هسبريس مع أحمد بوكوس تطرق إلى مهام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في نشر هذه الثقافة وعن الوظيفة الاستشارية للمعهد والتي يراها البعض تحد من مهامه، وكذا عن تراجع بعض الطلبة في التسجيل في مسلك الأمازيغية في جامعة أكادير، وعن دعم السوق الدينية في زمن التطرف والإرهاب وعن الإعلام والاختلاف في زمن العولمة.. وأشياء أخرى تكتشفونها في ثنايا الحوار.



تمت دسترة اللغة الأمازيغية في الدستور الجديد إلى جانب اللغة العربية، هل تشعرون أن وضع اللغة الأمازيغية قد تحسن بعد دسترتها في دستور2011؟



بالنسبة لأوضاع اللغة الأمازيغية، فإن هذه اللغة قد عرفت تطورا كبيرا من حيث واقعها السوسيو-ثقافي من حيث وظائفها واستعمالاتها في المجتمع والمؤسسات، وهذا منذ سنة 2001 ، أي منذ الخطاب الملكي بأجدير. وكذلك ثمة مجهودات مهمة تم بدلها في إطار أشغال مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وقد تحسنت هذه الأوضاع منذ سنة 2003 و2004 بفضل إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية والتعليمية، وكذلك في المشهد الإعلامي منذ سنة 2010 مع إحداث القناة الأمازيغية (القناة الثامنة)، وأخيرا تم تتويج هذه السيرووة بترسيم الأمازيغية في دستور 2011. ومن المفروض أن وضع هذه اللغة سيعرف تحسنا أكبر وكذلك ترسيخا أفضل في المجتمع وفي المؤسسات لو تمّ إصدار القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الفصل الخامس من الدستور.



لماذا ذلك التأخر برأيك؟



الكل ينتظر، منذ الإعلان عن البرنامج الحكومي سنة 2012 إصدار القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والقانون الذي يهم إحداث المجلس الوطني للغات وللثقافة المغربية. فكما نعلم جميعا تم إدراج مسألة الأمازيغية ضمن القضايا المهيكلة التي جاء بها البرنامج الحكومي، إلا أنه ونحن في سنة 2015، لا زلنا ننتظر صدور هذين القانونين التنظيميين. وثمة بعض المؤشرات التي مفادها أن بعض الأطر وخاصة منها ذوي القرار في قطاع التربية والتكوين، وبعض المؤسسات الثقافية والاجتماعية، الذين ينتظرون صدور القوانين التنظيمية للقيام بالمتعين في القطاعات التي يشرفون عليها. وهذه الانتظارية تؤثر سلبا على أوضاع الأمازيغية.

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

ما هو دور المعهد في صياغة هذه القوانين المنظمة للأمازيغية؟



فبموجب الظهير المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ظهير 17 أكتوبر2001، فلهذه المؤسسة صفة استشارية لا صفة تقريرية.







بمعنى أن هذا الدور الاستشاري يمكن أن يحد من صلاحيات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في سبيل تطوير اللغة والثقافة الأمازيغيتين؟



بمعنى أن المعهد لا يصح له أن يقوم بمبادرة إبداء رأيه في المواضيع المتعلقة بالأمازيغية إلاّ بعد أن يطلب من المعهد إبداء رأيه. ولكن مع هذا، فالمعهد يبدل قصارى جهوده في سبيل القيام باستشارات حول التدابير التي من شأنها أن تسهم في النهوض بالأمازيغية ، وأعطيك بعض الأمثلة: المثال الأول هو أن مجلس إدارة المعهد استبق الأحداث فتقدم برأي حول ترسيم اللغة الأمازيغية وهذا وقع سنة 2005، ويمكن اعتبار هذا الأمر بمثابة حدث تاريخي لأنه لأول مرة في بلدنا تبادر مؤسسة عمومية لإبداء رأيها في الموضوع. هناك مثال آخر يعود لسنة 2012 يتمثل في مبادرة المؤسسة بمكاتبة رئاسة الحكومة بخصوص رؤيتها حول موضوع تفعيل الفصل الخامس من الدستور، وخاصة منه البندين المتعلقين بالأمازيغية. ومثال ثالث هو انه في سنة 2008 بادر مجلس إدارة المعهد لمطالبة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري للنظر في تقصير القناتين الأولى والثانية في إعمال بنود دفاتر التحمّلات المبرمة مع الوزارة الوصية وخاصة 70 % من البث وتوقيت البرمجة وتنويعها. هذه بعض الأمثلة لأبين أن المعهد يشتغل كقوة اقتراحية في سبيل تفعيل النهوض بالأمازيغية على مستوى السياسات العمومية.



كيف تقرؤون ضعف استعمال اللغة الأمازيغية في مؤسسات الدولة كما كنتم تشتاقون في تمكين اللغة من خلال مؤسسات الدولة، مثال ما وقع في نقاش بين حزب الحركة الشعبية وبين رئيس مجلس النواب حول البوابة الالكترونية للبرلمان وإقحام اللغة الأمازيغية، فالسيد رشيد طالبي العلمي كان كلامه وجيها وينم عن ضعف لا يتحمل مسؤوليته؟



هذا التشخيص صحيح، فهو تشخيص واقعي مفاده أن الأمازيغية لم تعرف بعد طريقها لتشق دربها لتلج المؤسسات العمومية. فإذا نحن قمنا بجولة عبر العاصمة وذهبنا إلى الأحياء التي توجد بها بعض المؤسسات من وزارات ووكالات وما إلى ذلك فما نلاحظه من تسمية بعض المؤسسات تسمى باللغة الأمازيغية وبحرف تيفناغ، كيف وقع هذا؟ إن الأمر بسيط وهو أن بعض المؤسسات كاتبت المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية فطلبت منه أن يقوم بترجمة تسميتها إلى الأمازيغية وبحرف تيفناغ وقد قام المعهد الملكي بهذه المهمة في وقت قياسي. ولكن مع كامل الأسف ثمة عدد من المؤسسات التي لم تبادر إلى ذلك.



هذا من جهة، ومن جهة ثانية وعودة إلى المؤسسة التشريعية، فقد سبق لبرلمانية، وهي السيدة فاطمة شاهو الملقبة بتعمرانت والتي هي من حزب التجمع الوطني للأحرار وهي عضو سابق بالمجلس الإداري للمعهد، بادرت هذه المواطنة البرلمانية بطرح سؤال حول تدريس اللغة الأمازيغية والقصور في هذا المجال، وفعلت ذلك باستعمالها اللغة الأمازيغية. وكان رد فعل مسير الجلسة ما قلته أنت الآن، وهو أن رئيس الجلسة طالب من هذه السيدة البرلمانية الكف عن استعمال اللغة الأمازيغية.



إذن الواقع أن المؤسسة التشريعية التي من المفروض أن تكون من المؤسسات الأوائل التي تفعل الدستور باستعمال اللغة الأمازيغية تتحفظ من هذا، كان بعد ذلك أن سئل رئيس الجلسة عن سر هذا التصرف؟ وكيف يعقل أن تكون الأمازيغية محرومة من تداولها تحت قبة البرلمان؟ فكان جوابه أن الأمر مكلف وأنه لا بد من إيجاد المترجمين وما إلى ذلك. وفي الأيام الموالية قام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية باقتراح تدخله في المجال وأبدى رغبته ونيته في تكوين مترجمين من اللغة العربية إلى اللغة الأمازيغية، وهذه العملية لن تكلف البرلمان ولو سنتيما، ولكن مع كامل الأسف لم يفعل هذا ونحن اليوم نقع في هذه الورطة التي ذكرتموها. ونجدد في المعهد الملكي للثقافة الفرنسية إرادتنا وانخراطنا في كل عملية تريد مؤسساتنا أن تقوم بها في أفق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.



اسمح لي هنا دكتور، تحدثت، أنت، عن أسماء بعض المؤسسات العمومية التي تسمي نفسها باللغة الأمازيغية..



وبحرف تيفناغ..



نعم، هنا السؤال، تصور معي لو حذفنا اللغة العربية أو ربما الفرنسية من أبواب المؤسسات، ربما جل المغاربة لا يعرفون اسم المؤسسة لو أبقينا فقط على حرف تيفناغ وحده، والسؤال: لماذا أستاذ أحمد لم تعتمدوا الحرف اللاتيني أو العربي في اعتماد اللغة الأمازيغية؟ هل اعتماد حرف تيفناغ من قبل المعهد قرار لا رجعة فيه ولو أضر بتعلم الأمازيغية بالنسبة للمغاربة؟



في الواقع سيدي إن قرار اعتماد حرف تيفناغ وافقت عليه الدولة على أعلى مستوى ووافقت عليه النخبة السياسية كذلك، كما وافقت عليه النخبة المثقفة عموما...



اسمح لي أستاذ، لقد حصل خلاف علمي وأنت أستاذنا في اللسانيات، كان هناك تضارب بين الباحثين الأكاديميين في اللسانيات وأنت واحد منهم..



أنا أتحدث عن نتيجة السيرورة، أما عن تاريخها فبإمكاني أن أعطيكم ما يكفي من المعطيات لتدقيق هذه المسألة. إذن أعود إلى البدايات، ففي سنة 2003 طرحت مسألة تدريس اللغة الأمازيغية، وبالطبع السؤال الذي طرح نفسه هو بأي حرف سنكتب هذه اللغة؟ وبأي حرف سنلقنها في الأقسام؟ فطلب من المعهد أن يبدي رأيه في الموضوع ، فتمت مناقشة هذه المسألة داخل المعهد وخاصة في صفوف اللسانيين ذوي الاختصاص في اللغة الأمازيغية، وفي مجال كتابة اللغة الأمازيغية كذلك. وقامت لجنة متخصصة بدراسة الخيارات التالية: خيار الحرف العربي، خيار الحرف اللاتيني، وخيار حرف تيفناغ. فقمنا بدراسة تقنية بالدرجة الأولى لنبين مواطن القوة في توظيف الحرف العربي والحرف اللاتيني وحرف تيفناغ، كما بينا بالواضح أيضا مواطن الضعف لكل من هذه الخيارات الثلاثة. فتبين أن استعمال الحرف العربي له ما يزكيه وما يعضده، ولكن له كذلك ما يبين الثغرات التي قد تحدث في استعمال الحرف العربي في كتابة الأمازيغية، ونفس الشيء بالنسبة للحرف اللاتيني، ونفس المقاربة اعتمدت في دراسة خيار حرف تيفناغ. فمثلا، من ضمن المشاكل التي يطرحها استعمال الحرف العربي هناك مسألة الحركات أو ما يسمى بالتعليم الابتدائي بالشكل، والمسألة الثانية أن ثمة في النظام الصواتي للأمازيغية بعض الأصوات التي لا مقابل لها في اللغة العربية، وبالتالي فالحرف العربي لا يقدم رموزا أو حروفا تؤدي هذه الأصوات. ونفس الأمر بالنسبة للحرف الآتيني.



حرف تيفناغ، هل ترى أنه خدم اللغة الأمازيغية بالمغرب أم أنه ساهم في عدم إشاعتها وانتشارها في أوساط المجتمع؟



حرف تيفناغ هو الحرف التاريخي الأصيل للغة الأمازيغية، وهذا الحرف هو حرف يتشكل من متغيرات ولكن العمل الذي قام به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من الناحية التقنية، أدى إلى تنميط هذه المتغيرات، إذ قمنا بوضع نظام خطي لتيفناغ تم اعتماده على المستوى الوطني، وتم الاعتراف به من طرف المنظمة الدولية "إيزو إينكود"، وهذا النظام هو المعتمد رسميا لكتابة الأمازيغية في الأقطار التي توجد بها اللغة الأمازيغية.



ورجوعا لسؤالكم المتعلق بالخدمات التي أسدتها خطية تيفناغ، وهل هناك حواجز، أو معيقات يشكلها هذا النظام الخطي في سيرورة النهوض باللغة الأمازيغية. للإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نقول إن لمعالجة هذه الإشكالية مقاربات مختلفة. فإذا نظرنا إلى هذا الأمر من وجهة نظر مقاربة بيداغوجية ومن وجهة نظر علوم التربية، آنذاك علينا أن نقوم بدراسة تشخيصية لدى التلاميذ الذين يتعلمون الأمازيغية في المدرسة المغربية. وواقع الحال أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سبق له أن قام بمثل هذه الدراسة بتنسيق وتشارك مع وزارة التربية الوطنية في عدد من مدارس المملكة، وكانت النتائج أن أغلبية التلاميذ في الصف الرابع و الصف السادس من التعليم الابتدائي لا يشكل بالنسبة لهم حرف تيفناغ أي مشكل.



ولكن في مقابل ذلك نلحظ تراجعا في تدريس اللغة الأمازيغية، على سبيل المثال لوحظ وبشكل غريب تراجع الطلبة للتسجيل في مسلك الأمازيغية بجامعة ابن زهر، أضف إلى هذا أنه سبق لكم أن وقعتم دفترا للتحملات مع وزارة التربية الوطنية، إلى حدود الآن ليست هناك مقررات دراسية بخصوص تدريس اللغة الأمازيغية معترف بها، والناس أصبحوا يتهربون من تدريس الأمازيغية في ظل غياب الإمكانيات البيداغوجية، ما تفسيركم لهذا المشكل؟



بالنسبة لهذا الموضوع، أي تدريس اللغة الأمازيغية، ما هي المكتسبات وما هي المعيقات وما هي الإكراهات منذ سنة 2003 و2004؟ هناك بعض الأرقام، وهي إحصائيات لوزارة التربية الوطنية، تقول ما يلي: 13% فقط من التلاميذ المغاربة عبر التراب الوطني سواء في المناطق التي يمكن نعتها بالمناطق الناطقة بالعربية أو التي يمكن تسميتها بالمناطق الناطقة باللغة الأمازيغية، لأنه عندنا في المغرب نجد أن هناك تلاميذ لغتهم الأولى هي العربية وتلاميذ لغتهم الأولى هي الأمازيغية، وهاتان الفئتان تتعلمان اللغة الأمازيغية في المدرسة. إذن عندنا فقط 13% من هؤلاء، يعني تقريبا 517 ألف تلميذ، وهي نسبة هزيلة طبعا بالنظر إلى كون تدريس الأمازيغية بدأ سنة 2033 و2004، وبالنسبة لعدد الأقسام نجد 11.36% فقط من الأقسام عبر التراب الوطني التي تدرس فيها اللغة الأمازيغية، وعدد المدارس أقل من 30% وعدد الأساتذة 14% فقط. أعتقد أن هذه الأرقام دالة على ضعف وتيرة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية.







هل أنتم راضون على هذه النتيجة؟



سيصعب على كل ملاحظ موضوعي أن يكون راضيا عن الأوضاع الحالية لتدريس الأمازيغية. بمعنى آخر إن مبدأ تعميم تدريس اللغة الأمازيغية عبر التراب الوطني، وتدريسها في جميع المستويات للمنظومة التربوية الوطنية، لم يتم تحقيقه، فهذا واقع يناقض حتى توقعات الوزارة الوصية على القطاع.



ضعف هذه النتيجة، هل تعزونها إلى أن هناك إكراهات موضوعية أم أن الأمر يتعرض بجيوب مقاومة؟



دعنا نكن إيجابيين ونقول إن ثمة إكراهات لها علاقة بالحكامة، أي حكامة منظومة التربية والتكوين عموما، وأعني بذلك أن المنطق يقتضي أن الدولة المغربية التي قررت تعميم تدريس الأمازيغية عليها أن تعمل على إيجاد ما يكفي من الأساتذة بالتنسيق مع وزارة المالية من أجل توفير العدد الكافي من المناصب المالية لتكوين الأساتذة وتوظيفهم.



يعني أن الموضوع يتعلق فقط بالموارد البشرية؟



نعم، ولكن هذه المناصب المالية يلزمها تكوينا، إذن لا بد من إرادة سياسية على مستوى الحكومة لرصد ما يكفي من الموارد المالية من وزارة التربية الوطنية، ثم لابد من إرادة سياسية كذلك على مستوى التربية الوطنية لترصيد العدد الكافي من المناصب المالية لتوفيرها كأساتذة للغة الأمازيغية. ولا شك أن هذا الأمر سيحد من ظاهوة تقلص عدد الطلبة وخاصة بمسلك الثقافة الأمازيغية بالجامعة . هذا أمر يكاد يكون طبيعيا، لأن الطالب حينما يلج تكوينا معينا فلا بد أن هذا التكوين يؤدي إلى منفذ، وهذا المنفذ هو سوق العمل، والسؤال المطروح هو هل ثمة قطاعات اقتصادية توفر الشغل للطلبة حاملي الماستر أو الدكتوراه في تخصص الأمازيغية؟



سؤالك دكتور يقذف بنا في سؤال آخر: ما هي الفوائد الاقتصادية التي يحققها ترسيم اللغة الأمازيغية بالمغرب؟



هناك فوائد كثيرة، واسرد بعض الأمثلة. نحن نعلم أن قطاع السياحة هو قطاع مهم واستراتيجي بالنسبة لاقتصاد البلاد، ونعلم أن التوجه الحالي في مجال السياحة هي السياحة الثقافية التراثية والجبلية، بمعنى أن ما اعتدناه سابقا من مواصافات للسياح، تلك المواصفات التي تقول بأن السائح الأجنبي يأتي إلى المغرب فقط للذهاب إلى الشواطئ في أكادير أو الشمس في مراكش وغيرها، فهذه المرحلة تكاد تكون منتهية، فالآن المواصفات الأساسية للسياح هي تلك المواصفات التي تجعل من السائح إنسانا ذكيا يأتي للمغرب للتعرف على الثقافة المغربية والإنسان المغربي، وليتعرف على الإنسية المغربية، وهذا الأمر موجود في المناطق القروية، وفي المناطق الجبلية والمناطق الصحراوية، لهذا نجد الآن أن جل السياح يذهبون إلى الجبال بالريف والأطلس المتوسط والأطلس الكبير والصحاري في الجنوب الشرقي والصحراء من جهة العيون والداخلة وما إلى ذلك.



لو سمحت السي أحمد..



لو سمحت السي نورالدين سآتي للجواب المباشر، وهو أن السائح الذكي يذهب مثلا إلى إيميلشيل، ونحن نعلم أن هناك تظاهرة ثقافية خاصة بطقوس الزواج يزورها عدد كبير من السياح، فاللغة المتداولة هناك هي الأمازيغية، أمازيغية الأطلس المتوسط، وهذا السائح الذي يريد التعرف على هذه الظاهرة الثقافية يريد ان يتواصل مع الساكنة، فبأية لغة سيتواصل؟ بالعربية الفصحى؟ بالفرنسية؟ وبالدارجة إلى حد ما؟ لن يتيسر له ذلك، إذ لغة التواصل هي اللغة الأمازيغية، إذن هذا المرشد السياحي المتمكن من اللغة الأمازيغية من أين سيتكون؟ طبعا سيتخرج من الجامعات ومن مراكز تكوين السياحة باللغة الأمازيغية لأنها لغة اشتغاله وهي اللغة المطلوبة في هذا القطاع الخاص من سوق الشغل.



ويمكن كذلك إعطاء أمثلة أخرى خاصة بقطاع العدل، ونحن نعلم اليوم أن العدالة تتم باللغة العربية الفصحى وهي لغة تقنية جدا لا يفهمها عموم المتقاضين. إذن لا بد أن يجد المواطن في المحاكم أناسا يتقنون اللغة الأمازيغية وبإمكانهم أن يترجموا أقوال القاضي وأقوال المدعي العام والمحامي إلى الأمازيغية حتى يتمكن المواطن من فهم الأحكام التي هو المستهدف منها. ويمكن أن نعطي أمثلة عن قطاع التنمية البشرية كذلك، فهناك مخططات مهمة في النهوض بالتنمية الاجتماعية والبشرية في المناطق كلها، لكن هذه الساكنة التي تشكل هدف هذه المخططات التنموية في بعض المناطق لا تتحدث ولا تفهم سوى اللغة الأمازيغية ، فإذا كان ذلك المهندس وذلك الإطار التقني المسؤول عن تفعيل هذه المخططات التنموية الجهوية لا يتقن الأمازيغية فإنه لن يؤدي مهمته لإنه لن يستطيع التواصل مع هذه الساكنة. لذا فلا بد من تكوينات في اللغة الأمازيغية في إطار تكوين التقنيين والمهندسين في معاهدنا وفي كلياتنا.



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



طيب، بخصوص دعم اللغة الأمازيغية في الإعلام، سبق لكم وأن وقعتم دفتر تحملات مع وزارة الاتصال يقضي باستعمال اللغة الأمازيغية ضمن وسائل الإعلام المرخصة من قبل "الهاكا" نسبة وصلت إلى حدود 30%، فهل حققتم هذا الهدف لاسيما أن الأمر أصبح يتعلق بالقانون، وربما من حقكم رفع دعوى قضائية ضد أية وسيلة إعلامية لم تخصص نسبة 30% من موادها للغة الأمازيغية؟



دعني أدقق في المسألة، لأنها جوهرية. المعهد ليست له الصلاحية القانونية في متابعة مؤسسة من المؤسسات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كما أسلفت هو مؤسسة استشارية تبدي بمقترحاتها، لكن من ينفذ أو لا ينفذ هي المؤسسات المنوط بها قطاع الاتصال والإعلام. بمعنى وزارة الإعلام والاتصال. وإذا كانت مثلا الشركات التابعة للإذاعة والتلفزة لا تحترم مقتضيات ما جاء به دفتر التحملات والذي وقعته هذه الشركة وهذه القنوات، ليس مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وإنما وقعت دفتر التحملات مع الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، إذن على هذه الهيئة مراقبة مدى تفعيل ما جاء في دفاتر التحملات. أما المعهد فهو يقوم بالتتبع، وبرصد الاختلالات. وبالفعل كما تفضلتم فلا القنوات الأولى ولا الثانية ولا قناة ميدي1 (قناة ميدي 1 لم توقع دفتر التحملات) فالقناتان الأولى والثانية لا تحترمان هذا الأمر بما يلزم.



أنا أتفهم الدور الاستشاري للمعهد، ولكن باعتباركم مؤسسة لها ميزانية خاصة مهمة، ألا يمكنكم عقد شركات مع مؤسسات إعلامية خاصة للرقي بأوضاع اللغة الأمازيغية؟



إن المسألة تتعلق بدور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في سيرورة تبوأ اللغة الأمازيغية المكانة اللائقة بها في المشهد السمعي الوطني. وهذا هو الإشكال، لقد أبرم المعهد اتفاقية مع وزارة الإعلام والاتصال، وبموجب هذه الاتفاقية أحدثنا لجنة مشتركة ممثلة فيها الأطراف المعنية أي المعهد الملكي والوزارة والقناة الأولى. ما هي الأدوار التي تقوم بها هذه اللجنة المشتركة؟ تقوم أساسا بمهمة تتبع تفعيل دفاتر التحملات التي تكلمت عنها، والمعهد يتقدم بتقارير والتي يرصد من خلالها ما تم إنجازه وما لم يتم إنجازه. أما على مستوى التكوين فقد تقدم المعهد بمقترح المساهمة في التكوين المستمر للفاعلين في المجال الإعلامي الأمازيغي، وفعلا قمنا بتأطير وتكوين الفوج الأول من المنشطين المشتغلين في القناة الثانية، والنتيجة كانت مرضية من وجهة نظر الجميع، وهي ما نشاهده في هذه القناة وخاصة ما يتعلق بالنشرة الإخبارية وببعض البرامج، ولكن القناة الثانية لا تخصص نسبة 30% من برامجها للغة الأمازيغية. وكذلك حاولنا مع القناة الثامنة أن نقدم خدماتنا بالمجان ما دمنا مؤسسة عمومية، واقترحنا مخطط تكوين في مجال التكوين المستمر لفائدة المنشطين ومقدمي البرامج التابعين للقناة الثامنة، وكان النجاح باهتا لأنه لم يكن هنالك انخراط واضح من طرف هذه القناة. ولا يمنعنا هذا بالطبع من الاشتغال يدا في يد مع رؤساء هذه القناة ومع الصحفيين كذلك، ولكن كان بودنا أن نشتغل بشكل أكثر إيجابية وأكثر فاعلية ونجاعة.



طيب استاذ أحمد، أنتم في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تدعمون السوق الفنية من أشعار وأغان وأفلام، وإن كان هذا غير كاف لدى البعض، ولكن الملاحظ أنكم لا تدعمون السوق الدينية بالمغرب، وهذا أخطر شيء الآن تمر به المنطقة ومنها المغرب، لماذا لا تدعمون الخطب الدينية والمواسم الدينية والبرامج الدينية الموجهة بالأمازيغية.. خصوصا وأن الإسلام المغربي كما هو معروف في الدراسات الأنثربولوجية مشهود له بالتسامح والاعتدال .؟



صحيح أن المسألة الدينية والمسألة الروحية لها أهمية قصوى وخاصة في الظرفية الراهنة، ولا بد أن نذكر في هذا المجال ببعض المعطيات التاريخية، والتي مفادها أن بعض الفاعلين الأساسيين في أسلمة الديار المغربية على مستوى شمال أفريقيا كانت هي النخبة الأمازيغية التي اعتنقت الإسلام وشكلت النواة الأساسية لتعليم الدين الإسلامي والعقيدة الإسلامية والشعائر الإسلامية والطقوس الإسلامية واللغة العربية للساكنة المغربية خاصة في القرى. وهذا معطى تاريخي أساسي، والنتيجة هي أن للمغرب منظومة دينية وسطية التي تعكس الثقافة الأصيلة لهذا البلد الأمين.



والآن ماذا يقوم به المعهد في هذا المجال؟



في هذا المجال نحاول أن ننسق مع وزارة الشؤون الإسلامية، ولنا علاقة طيبة مع هذا القطاع، إذ ينسق المعهد في مجال التكوين المستمر للأئمة، وخاصة منهم أولئك الذين يقومون بهذه الأدوار على مستوى الجهات الناطقة بالأمازيغية. وهذا عمل مهم جدا، وكذلك على المستوى المعرفي، فباحثوا المعهد يساهمون في الندوات التي تقام في الجهات مع المجالس العلمية الجهوية، مثلا جهة سوس، كما أن المعهد يقوم بإصدار مؤلفات مهمة جدا، وهي تخص الثقافة الدينية الإسلامية بالمغرب والتعريف بالنخبة الأمازيغية سواء تلك التي تكتب بالعربية والحرف العربي أو تلك التي تكتب بالأمازيغية والتي كتبت مؤلفات مهمة خاصة في الفقه المالكي والتي تعود للقرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، كما يساهم كذلك على المستوى الإشعاعي للتعريف بعلمائنا الأجلاء الأمازيغ أو ذوي الأصول الأمازيغية ومنهم الحسن اليوسي ومنهم الفقيه أزناك والرسموكي الذي أصدر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مؤخرا تحقيقا لإحدى مؤلفاته، وكذلك العلامة المختار السوسي. فهذه بعض من إسهامات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في المجال الديني.



نختم معكم بسؤال يتعلق بالفضاء العام الالكتروني والذي يضج بالكثير من العنف بخصوص علاقة المغاربة فيما بينهم، هناك من تجده ينتصر للغة العربية وحدها وينفي ما عداها، وهناك من ينتصر للغة الأمازيغية ويجعلها خصيما للغة العربية.. وهذا النقاش في الفضاء الالكتروني أصبحت له أهميته، فكيف يمكننا عقلنته لنحافظ على التماسك الاجتماعي للجماعة الوطنية؟



صحيح أن الفضاء الالكتروني عرف تطورا مهما جدا، إذ أصبحت اليوم المواقع الاجتماعية تشكل فضاء للتعبير الحر وكذلك أصبح هذا الفضاء يعكس العمق المجتمعي والثقافي والسياسي للمجتمعات. وهذا صحيح أيضا بالنسبة للحالة المغربية، إلا أنه وكما تفضلتم نجد السمين والغث في هذي المواقع، نجد أشياء تنير لنا الطريق، ولكن نجد في بعض الأحيان متاهات ربما تعطي أحيانا صورة سلبية على الثقافة السائدة في المواقع الاجتماعية، لذلك من الأهمية بمكان أن تكون لنا رؤية شمولية ونسقية وهادفة لهذا الموضوع.

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

وبالنسبة لملاحظاتكم والتي أعتبرها سليمة، من وجهة نظري، فالمواقع الالكترونية لا بد أن تهذب ثقافيا وسياسيا من طرف الفاعلين الذين يبدون أفكارهم ويتقدمون بوجهات نظرهم ... بمعنى آخر فا بد أن نعمل على التحلى بثقافة سياسية وطنية ومواطنة تضع مصلحة الوطن والصالح العام فوق كل الاعتبارات الأخرى. بمعنى أن التموقعات والتقاطبات لا يجب أن تكون متناقضة إلى حد الصراع والتناحر، فهذا لن يفيد في شيء، بل يمكن أن يؤدي إلى سوء فهم وإلى نشر ثقافة الكراهية والعنف، لذلك فنحن في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية نحاول أن نتبنى رؤية منفتحة للهوية الوطنية وللثقافة المغربية ونحاول نبذ الفكر الأحادي المطلق، ذلك الفكر الذي يقدم الأمازيغية كبعد حصري ووحيد للهوية الوطنية. هذا ننبذه بوضوح، كما ننبذ الطرف الآخر الذي يريد إقصاء الأمازيغية باعتماده رؤيا اختزالية للثقافة والهوية المغربية. إننا نريد ثقافة مغربية تساهم في تشكيل مجتمع مغربي متماسك ومتضامن أمام التحديات الكبرى.





source منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية http://ift.tt/1Gc1hcO
بوكوس: لسنا راضين عن الأوضاع الحالية لتدريس الأمازيغية 4.5 5 Unknown الثلاثاء، 31 مارس 2015 حاوره: نورالدين لشهب الثلاثاء 31 مارس 2015 - أبدى أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، عدم ارتياحه للأوضاع الحالية لتدريس الأ...


On : الثلاثاء، 31 مارس 2015,

If you enjoyed this article, sign up for free updates.

author picture

About Author

I'am Unknown, a part-time blogger and template designer from Indonesia who is the founder And Author of تحميل جميع البرامج. I love create Blogger Themes, write about blog design, And Blogspot tweaks. You can subscribe me on G+ @ Unknown .

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق